كوكب الأرض في حالة خط&#161


 

إعداد : جول دوفور

ترجمة: رشيد أبو ثور

6/3/2008

بقلم : جول دوفور Jules Dufour*

في 25 تشرين الأول/أكتوبر2007، نشر برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الـ جييو-GEO-4، وهو عبارة عن تقرير حول حالة البيئة في العالم، ضمن كتاب يتكون من 524 صفحة، ويتناول في 10 فصول ستة مجالات أساسية:

1- البيئة والتنمية.

2- الحصيلة والتوجهات الكبرى لحالة البيئة من 1987 إلى 2007.

3- الآفاق الجهوية لـ 1987-2007.

4- الأبعاد الإنسانية للتحولات البيئية.

5- نظرة مستقبلية إلى غاية 2015 وما بعدها.

6- الحفاظ على مستقبلنا جميعا.

يبتدئ كل فصل بصفحتين تضم أهم الرسائل الموجهة لحكومات العالم حول السياسات التي يجب اعتمادها قصد إصلاح البيئة وإنقاذ كوكب الأرض والبشرية.

جييو. متابعة حالة البيئة

يعتبر الجييو-4 آخر تقرير من سلسلة تقارير تحمل عنوان “مستقبل البيئة العالمية (جييو GEO)”؛ ولقد استحدثها مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، سنة 1995 لمتابعة حالة البيئة في العالم. ويقدم التقرير “جييو” الذي يستند إلى استشارات عالمية واسعة، معلومات لاتخاذ القرار، كما يساهم في جهاز الإنذار السريع ويعزز قدرة التقييم على المستويين الدولي والإقليمي. ويمثل هذا التقرير كذلك أداة للتواصل تهدف إلى تحسيس الجمهوربالقضايا البيئية كما يقدم مقترحات وبدائل لاتخاذ القرارات” (http://www.unep.org/GEO/french/).

جييو-4. حصيلة 20 سنة بعد بروندطلاند Brundtland

يقوم تقرير جييو -4 بتقييم الوضعية الحالية للمحيط الهوائي للأرض، وللمياه وللتنوع البيولوجي، ويصف ما حصل من تحولات خلال العقديين المنصرمين، ويحدد الأولويات لما يجب عمله. ويعتبر التقرير جييو-4 أشمل تقرير أنجزته هيئة الأمم المتحدة إلى اليوم حول البيئة، حيث تم إعداده من طرف 390 خبير، وراجعه أكثر من 1000 خبير من مختلف مناطق العالم.

المصدر : Source : http://www.unep.org/geo/geo4/images/GEO4_cover_highres.jpg

يقدم التقرير جييو-4 حصيلة التقدم الذي تحقق في مجال مكافحة تدهور وتدمير الوسط الحيواني والنباتي برا وبحرا، منذ عرض تقرير بروندطلاند Brundtland أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر 1987. فماذا ينتظر كوكب الأرض وساكنيه منذ أن حدد هذا التقرير مفهوم ‘البقاء والاستمرارية” الذي من شأنه أن يحفظ أسس تجديد الحياة ؟

حسب البيان الصحفي العالمي المقدم بهذه المناسبة، لا زالت أخطر مشاكل كوكب الأرض قائمة، وعلى رأسها تغير المناخ ووتيرة انقراض الأنواع، والتحدي المتعلق بإطعام شعوب متنامية العدد. فهذه التهديدات “توجد بين المشاكل العديدة التي لم تحل والتي تنذر البشرية بالمخاطر” (unep.org/).

يؤكد التقرير جييو-4 إعلان لجنة بروندطلاند القائل بأن العالم لا يواجه أزمات متفرقة، بل أزمة واحدة، تشمل البيئة والتنمية والطاقة مجتمعة. ولا تقتصر هذه الأزمة على التغير المناخي، ونسبة الانقراض والمجاعة، بل تشمل إلى جانب ذلك مشاكل أخرى متصلة بالتزايد السكاني وبارتفاع حجم استهلاك الأغنياء ويأس الفقراء. وهذه بعض الأمثلة التي تناولها التقرير:

  • تضاؤل الثروة السمكية.
  • ضياع الأراضي الخصبة.
  • ضغط قاتل على الموارد.
  • انخفاض كمية الماء العذب الكافي لسد حاجات البشر باقي الكائنات.
  • احتمال أن يصل تدهور البيئة نقطة اللاعودة.

ويلفت التقرير جييو-4 الانتباه إلى أننا نعيش ضمن سقف يفوق إمكاناتنا المتاحة، وأن عدد سكان العالم أضحى كبيرا لدرجة أن ” احتياجاته المعيشية من الموارد الضرورية تتجاوز ما هو متوفر. فلقد بلغت اليوم مساحة الأرض الضرورية لإنتاج ما يحتاجه الإنسان من موارد والقادرة على استيعاب ما يخلفه من فضلات 21,9 هكتار للشخص الواحد، في حين أن القدرة البيولوجية للأرض لا تتجاوز 15,7 هكتار للفرد.”

حصيلة 1987-2007

ارتفع عدد سكان الأرض منذ 1987 بنسبة 34 %، وقد أضحى اليوم ما يزيد عن نصف البشرية يعيشون في المدن، مما يخرجهم بشكل متزايد من العالم الفعلي للإنتاج الغذائي الأساسي ومن الوسط البيئي الطبيعي. أما التجارة العالمية فتضاعفت ثلاث مرات وزاد متوسط الدخل الفردي بـ 40 %، غير أن الفوارق الاقتصادية والاجتماعية كانت سنة 2007 أكثر تفاقما من ذي قبل، حيث أضحى الدخل السنوي لمليار من الأفراد الذين يعيشون في البلاد الغنية، أكبر 15 مرة من الدخل الإجمالي لـ 2,3 مليار من فقراء العالم. ولقد أضحت موارد الطاقة متضائلة والأضرار الناجمة عن الإفراط في الاستهلاك متفاقمة، وانقطع وصول 10 % من أنهار الأرض إلى البحر لعدة أشهر في السنة، وازداد الحوض الأمازوني جفافا، علما بأنه يحتضن نصف التنوع البيولوجي للأرض.

الغلاف الجوي ـ ارتفاع عام للحرارة ـ ذوبان المجاليد ـ ارتفاع مستوى المحيطات ـ انخفاض في إنتاجية النظام الحيوي.

منذ 1850 ارتفع معدل الحرارة بـ 0,7 درجة بالنسبة للكرة الأرضية عامة، وبـ 1,4 درجة بالنسبة لأوروبا، ويتوقع أن يتراوح معدل الحرارة سنة 2100 بين 1,8 إلى 4 درجات. ومن المعلوم أن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى ذوبان الجليد والجبال الثلجية القارية والمحلية، حيث يقدر أن يرتفع مستوى البحر بحدود سنة 2100 بحوالي متر. فلقد تسارع ذوبان الثلوج في القطب الشمالي خلال السنوات الأخيرة مما أدى إلى اختفاء مليون كيلومتر مربع من الأراضي الجليدية، أي ما يعادل 23 % من مساحتها الإجمالية. وبالفعل، لم تكن المجاليد، حسب Environnement Canada، تغطي في شهر سبتمبر 2007 إلا 4 ملايين كيلومتر مربع من المحيط القطبي الشمالي، أي ما يعادل انخفاضا بنسبة 23 % مقارنة مع الـ5,3 مليون كيلومتر مربع التي سجلت سنة 2005. وتعادل تقريبا مساحة الجليد المذاب مساحة منطقة الأونطاريو l’Ontario أو دولة مثل إفريقيا الجنوبية.

http://www.(ledevoir.com/2007/12/28/170095.html).

أما الذوبان الكامل للأماكن الجليدية في غروويلاند Groenland (وهي جزيرة تقع في الشمال الشرقي لكندا، وتقدر مساحتها بمليوني كيلومتر مربع ـ 5مرات مساحة فرنسا ـ تغطي الثلوج 85 % منها) فيمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستوى المحيطات بسبعة أمتار، مما قد تكون له انعكاسات مأساوية بالنسبة لأكثر من %60 من ساكني العالم الذين يعيشون على أقل من 100 كيلومتر من الشواطئ ومصبات الأنهار.

ورغم تطبيق بروتوكول مونريال منذ 1988 فإن ثقب الأوزون فوق القطب الجنوبي يزداد اتساعا، ومستوى الأوزون على سطح الأرض يزداد ارتفاعا على امتداد النصف الشمالي للكرة الأرضية بأكملها. أما الاكتظاظ السكاني في مدن عملاقة مثل مكسيكو وساوو باولو والقاهرة وجاكرتا، فيساهم، في تزايد استعمال السيارات، كما أنه يجري في المدن الكبرى وعلى امتداد الشمال الشرقي للولايات المتحدة، إفساد جودة الهواء، مما يودي سنويا إلى وفاة مليوني فرد في سن مبكرة، بسبب تلوث الهواء الداخلي والخارجي.

يؤدي الارتفاع العام للحرارة إلى زيادة حرارة المياه السطحية للمحيطات ومن ثم إلحاق الضرر بالأنظمة البيئية البحرية، وخاصة الشعب المرجانية. وحسب ما أورده enviro2B نقلا عن مجموعة الخبراء التابعة لعدة حكومات، والمشتغلة على التطورات المناخية، فإن ارتفاع حرارة المحيطات بدرجتين أو ثلاثة مقارنة مع سنة 1990 سيعرض الشعب المرجانية “للموت على نطاق واسع”. وإذا كان تلاشي الشعب المرجانية عائد بالأساس إلى أسباب طبيعية، فإن تدخل العامل البشري يؤدي إلى تسريع هذا التلاشي حيث يساهم في جعل الشعب أكثر تأثرا بالعوامل الطبيعية. يقول بيرنارد سالفاط Bernard Salvat الأستاذ بجامعة بيربينيان Perpignan والمتخصص في البيئة المدارية : ” على مساحة 000 600 كيلومتر مربع من الشعب والبحيرات المرجانية، يقدر بأن 20 % من الشعب قد دمرت بشكل نهائي، أو أن حظوظ إنقاذها ضئيلة، وأن 25% منها توجد في حالة خطرة و25% مهددة و3% فقط هي التي توجد في حالة مقبولة.” (enviro2b.com).

يؤكد تقرير جييو-4 ضرورة تقليص انبعاثات الغازات الناجمة عن استهلاك الطاقة في وسائل النقل وفي قطاعات الإنتاج الفلاحي والغابوي، للحد من الأضرار التي تحدثها التغييرات المناخية. ويشير إلى أنه لم تبذل إلا مجهودات ضئيلة في هذا الاتجاه منذ 1987، مما أدى إلى تزايد الانبعاثات الغازية بوتيرة متواصلة، وهذا ما يدل على محدودية الالتزام بقرارات اتفاقية كيوتو. وينتهي التقرير إلى أن استهلاك الطاقة التي يتم إنتاجها باستعمال النفط والغاز والفحم يتزايد باستمرار بسبب التزايد السكاني العالمي، حيث أضحى الناس يستهلكون أزيد فأزيد، ويسافرون أبعد فأبعد ويستعملون السيارة الشخصية أكثر فأكثر. وبالفعل “قد تضاعف تقريبا عدد السيارات في العالم خلال العقدين الأخيرين، حيث تجاوز سنة 2005، 800 مليون سيارة، أي ما يعادل سيارة لكل ثمانية أفراد من سكان العالم ((china.org,”، وزاد عدد الكيلومترات التي قطعها الطيران المدني بنسبة 76 % بين 1990 و2000، في حين ارتفع حجم الأطنان المحمولة بحرا بين 1990 و 2005 من 4 إلى 7 مليار طن”، كما يقول التقرير. ومن المناسب هنا أن نضيف إلى هذه المعطيات، الأرقام الخاصة بالطيران الحربي الملتهم لكميات كبيرة من النفط.

ويقول التقرير بأن الإجراءات الهادفة إلى الخفض من تأثيرات انبعاث الغاز الحابس للحرارة معروفة ومربحة، غير أنها تتطلب قيادة جدية وتعاونا فعليا: “تتطلب التغيرات المناخية مقاربات للتخفيض والتكيف أكثر ابتكارية وإنصافا، وتتطلب تغييرات بنيوية في نظم الاستهلاك والإنتاج. ومع وجوب استمرار البحوث ومجهودات التقييم، فلا بد كذلك من التسريع باتخاذ الإجراءات اللازمة عبر العالم، ومن مستلزمات ذلك: أولا وجود قيادة وتعاون دوليين وآليات فعالة للتمويل ونقل التكنولوجيا. ثانيا، يجب، على المدى البعيد، أن يدفعنا الخطر الناتج عن انبعاث مواد غير قابلة للاندثار ، وخاصة تلك المواد المتعلقة بالغازات المسببة للاحتباس الحراري (CHGs)، إلى التعجيل من الآن فصاعدا بتطبيق مبدأ الوقاية.” (GEO-4, 2007, p. 41)

الماء: القلق يتزايد

في تقريره لسنة 1992، وعند نهاية تحليله لوضعية المصادر المائية في العالم، يلفت برنامج الأمم المتحدة للبيئة الانتباه إلى أن قضية الماء ستمثل، كما كان الشأن بالنسبة لقضية الطاقة في سبعينات القرن الماضي، محور انشغال السكان في العالم خلال العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين(Tolba, M.K. et al., 1992). وهذا ما يؤكده بالفعل التقرير جييو-4 حيث يقول: “لا زال2,6 مليار فرد من سكان العالم لا يتوفرون في سنة 2007 على تجهيزات التنظيف والصرف الصحي المناسبة، وإن 1,8 مليار من الأفراد سيواجهون في غضون 2025 شحا في المياه رغم أن نسبة الذين يتمكنون من التزود بالماء قد ارتفعت بين سنتي 1990 و2000 من 78 إلى 82 % من سكان الأرض، كما أن نسبة المستفيدين من التطهير والصرف الصحي قد انتقلت من 51 إلى 61 %… وإن وتيرة استهلاك الماء ستزداد، مؤدية من يومنا هذا وإلى غاية 2025 إلى سحب حوالي 50 % من مخزون المياه في الدول النامية، و 18 % في العالم المتقدم”.

تعاني بعض المناطق بحدة من انعدام المياه، كما هو الحال خاصة بالنسبة لحوض البحر الأبيض المتوسط وجنوب إفريقيا وجنوب شرق آسيا التي تطول فيها فترات الجفاف. ويتسبب استعمال الماء الملوث في العالم النامي في وفاة ثلاثة ملايين فرد سنويا.

وحسب تقرير لجامعة الأمم المتحدة نشر في شهر يونيو 2007، “تمثل ظاهرة التصحر المتفاقمة بسبب التغيرات المناخية، أكبر تحد بيئي لعصرنا… وينذر التقرير الحكومات بأنها ستواجه حركات هجرة واسعة النطاق إذا لم تضع سياسات لمكافحة التصحر. ثم يؤكد نفس التقرير بـ “أن فقدان الأرض لإنتاجيتها وتدهور البيئة يمثلان تهديدا داهما بالنسبة للأمن العالمي…فالتصحر يهدد ثلث سكان الأرض، أي ما يعادل مليارين نسمة، مما قد يدفع بحوالي 50 مليون شخص إلى الهجرة ، خلال العشر السنوات المقبلة.”

http ://www.un.org/apps/newsFr/storyF.asp?NewsID=14375&Cr=d√©sertification&Cr1=UNU

ويختم التقرير جييو-4 بالإشارة إلى”أن الأنظمة البيئية تعاني مثل ما تعاني الشعوب، كثيرا من العنت في أماكن عدة بسبب ما لوحظ من تغيرات في الدورة الشاملة للماء، وذلك بالأساس نتيجة الضغط الذي تحدثه حركية البشر.” (UNEP, 2007, p. 116) ويذكر التقرير بأهم العناصر التي يجب صيانتها لضمان تجدد الموارد المائية والتي هي:ـ الدور الأساسي للمحيطات توفر الماء العذب واستعماله مع الحفاظ على المصادر المائية ـ تطبيق ممارسات لإعداد الأراضي تحترم دينامكية الأحواض المنحدرة؛ فلا زال تدهور جودة المياه يهدد عافية الناس والأنظمة البيئية، ولا زالت الأنظمة البيئية المائية تتعرض للتدمير مهددة بذلك قدرتها على تقديم الخدمات الضرورية للإنتاج الغذائي أو للحفاظ على التنوع البيولوجي. وفي النهاية هناك التحدي الدائم الذي يجب مواجهته عند إصلاح الموارد المائية والأنظمة البيئية المائية والمتمثل في ضمان التوازن بين احتياجات البيئة ومتطلبات التنمية.

تعتبر المحيطات أكبر منظم للمناخ العام وخزانا هاما للغاز الحابس للحرارة. يقول التقرير بأن دورة الماء على المستوى القاري أو الجهوي أو المحيطي قد تأثرت جدا بالتغيرات المناخية التي تحدث على مدى زمني طويل، مما يجعلها تعرض أمن الناس للخطر. فهذه التغيرات أثرت في درجة الحرارة بمنطقة القطب الشمالي وبالجليدات الساحلية وبالأراضي الجليدية القارية، وحتى المحلية؛ كما تؤثر في نسبة ملوحة وحموضة و مستوى مياه المحيطات، وفي نظم التساقطات المطرية وفي الظواهر المناخية الكبرى، وربما في الحركة العامة للمحيطات (UNEP, 2007, p. 116).

ويضاف إلى ظواهر ندرة المياه الحادة في بعض مناطق العالم المذكورة سابقا، ظواهر الأحداث المناخية العنيفة مثل الإعصارات الاستوائية الهوجاء أو الزوابع أو العواصف التي تركز كميات كبيرة من التساقطات في حوض واحد، أو على منحدر جبلي أو على مساحة ضعيفة الامتداد والتي تفتقر لغطاء غابوي واقي. ولقد أضحت فجائية هذه الأحداث هي القاعدة بحيث لم يعد من الممكن وضع توقعات موثوقة لأحوال الطقس.

التنوع البيولوجي. نسبة الانقراض مرتفعة.

رغم أنه لم يتم إلى الآن تحديد ووصف إلا مليونين من الأنواع، فيقدر أن يتراوح عدد الأنواع الموجودة على وجه الأرض بين 5 و30 مليون نوع. وتعتبر التغيرات التي طرأت على التنوع البيولوجي الحالي الأكثر سرعة في تاريخ البشرية، بسبب التأثير المتنامي لفعل الإنسان في المناطق التي تنبض بالحياة، وخاصة الغابات الاستوائية الرطبة ـ حيث أن المساحات الغابوية الأخرى قد تم تحويلها إلى حقول للزراعة ـ وفي السهول الساحلية والأنظمة البيئة الشاطئية. إن هذه الظواهر تؤدي إلى ارتفاع وتيرة انقراض الأنواع، حيث أضحت الأنواع تنقرض بسرعة أكبر”100 مرة من السرعة التي تشير إليها الأحفوريات.” (unep.org). ومن الممكن أن تتسارع وتيرة الانقراض لتصل إلى 1000 أو 000 10 مرة ما عرفناه في الماضي. فأكثر من 000 16 نوع مما تم تحديده يعتبر مهددا. ومن بين مختلف مجوعات الفقريات التي تم تقدير أعدادها بشكل شامل، تعتبر 30 % من البرمائيات و23 % من الثدييات و12 % من الطيور مهددة بالانقراض” (UNEP, 2007, p. 164).

يضيف التقرير جييو-4 بأن 60 % من “الخدمات البيولوجية” التي تقدمها الأنظمة البيئية للبشرية متدهورة أو مستعملة بطريقة غير قابلة للاستمرار. وهذه النتيجة تعزز ما توصل إليه التقرير حول تقييم الأنظمة البيئية للذكرى الألفية (PNUE, 2005). أما فقريات المياه العذبة فلقد تقلصت أعدادها بسرعة أكبر من الأنواع البرية أو البحرية حيث انخفضت أعدادها بـ 50 % بين 1987 و 2003 (unep.org/Documents).

“تعتبر الزيادة في عدد المناطق المحمية خطوة جيدة إلى الأمام؛ غير أنه من الضروري أن تقام وتدار هذه المحميات بشكل أكثر فعالية؛ كما يجب أن يبذل نفس الجهد لحفظ التنوع البيولوجي (ولكل الأحياء وليس فقط “للحيوانات الكبرى المستهوية للجماهير” مثل النمر والفيلة) خارج المحميات” (unep.org).

انخفاض الثروة السمكية.

“لقد ارتفع استهلاك السمك أكثر من ثلاث مرات بين سنتي 1961 و2001. وإن كانت الكميات المصيدة قد عرفت بعض الركود أو التراجع القليل منذ سنة 1980، فإن المساعدات المالية المقدمة للصيادين من طرف دولهم قد منحتهم قدرات مفرطة على الصيد، تزيد، حسب التقديرات، على 250 % من القدرة الضرورية للحفاظ على الإنتاج المستدام للمحيطات (unep.org/Documents).

خاتمة

منذ انعقاد المؤتمر حول البيئة في ستوكهولم سنة 1972، انبرت حركة عالمية للحد من مسلسل تخريب وتدمير المناطق الحيوية وتدهور أوضاع المجموعات البشرية المرتبطة حيويا بهذه المناطق. ولقد مرت أكثر من أربعة عقود حتى يدرك المعنيون بشكل قوي ومتزايد المخاطر التي تمثلها الصناعة وطريقة الحياة الملتهمة للطاقة التي تضغط بها الدول الغنية على الموارد الحية بشكل يجعلها عاجزة على التجديد الذاتي. فلقد تطلب الأمر قرابة 40 سنة لتحديد استراتيجيات ومخططات عمل وإبرام اتفاقيات شاملة وبدء تطبيقها؛ ولا زلنا نشك في كون المعنيين بالأمر يدركون حقيقة وبعمق حجم المخاطر التي تهدد مستقبل المحيط الحيوي ومستقبل البشرية.

كل لقاءات القمة التي توالت خلال هذه السنوات، بدءا بلقاء نيروبي سنة 1982 ثم ريو دي جانيرو سنة 1992 ثم نيويورك سنة 2000، ثم جوهانيسبورغ ومونطيري سنة 2002، قد وجهت نداء إلى حكومات العالم تطالبها بالشروع في إعطاء الأولوية لإعادة ترميم ما لحق بالبيئة من أضرار، وبالحفاظ على المصادر الحية في وسطها الطبيعي، وحماية الأنظمة البيئية الأكثر إنتاجية وانتهاج سياسات من شأنها أن توزع بالقسط الأرباح الناجمة عن تطوير المصادر الطبيعية الغذائية والمعدنية والطاقية والمائية، وذلك بتطبيق الالتزامات المعلنة في الملتقيات العالمية الكبرى حول التغيرات المناخية والتنوع البيولوجي ومكافحة التصحر.

في منتصف المدة الزمنية الفاصلة بين سنتي 2000 و2015، وهو التاريخ المحدد لتحقيق أهداف التنمية الألفية، وضع برنامج الأمم المتحدة للبيئة تقريره الرابع حول الوضعية الحالية للبيئة العالمية وحول الآفاق المستقبلية. فكما كان الأمر في التقرير جييو-3، نجد في تقرير التقرير جييو-4 مخططا إجماليا لسيناريوهات أربعة بالنسبة لتطور أحوال كوكب الأرض والبشرية من اليوم إلى حدود 2050. وهي كالتالي :

1) اعتماد نموذج مجتمع ليبرالي قائم على إعطاء الأولوية للسوق؛ وهذا السيناريو يجعل الكثيرين يعتقدون “أن الاختلالات التي تطال النظم الاجتماعية والبيئية والإيكولوجية تنذر بأن المستقبل سيعرف انهيارات بيئية على نطاق أشمل وأوسع.”

2) وتتمثل الحالة الثانية في تطبيق نموذج مسؤول من الحكامة من طرف دول لها مؤسسات قادرة على أن تأخذ بعين الاعتبار، عند رسم سياسات التنمية الاقتصادية، التكلفة البيئية والاجتماعية على المدى البعيد.

3) يبدو اليوم أن الخيار الثالث والمتمثل في مفهوم عالم يغلب مبادئ السوق والأمن، هو الذي يحكم اليوم مجمل النشاطات البشرية. وهذا الخيار، مثله مثل السيناريو الأول، هو خيار نظام استبدادي يتم فرضه على المستوى العالمي بقوة السلاح بغية حماية مصالح أسواق الأقوياء والأثرياء، والحفاظ على تمييز عنصري بين الشمال والجنوب.

4) أما الخيار الرابع، فهو خيار الاستدامة في التعامل مع البيئة. فهذا النموذج التي تم رسم خطوطه العريضة في “الاستراتيجية العالمية للمحافظة” سنة 1980، ثم في تقرير بروندطلاند Brundtland سنة 1987، وبعدها في القمم العالمية المنعقدة خلال العقدية الأخيرين، “يستند إلى قيم ومؤسسات جديدة أكثر إنصافا. فمن الضروري اعتماد نظرة للمستقبل أكثر قدرة على الاستبصار والاستباق، حيث إن التحولات الجذرية في الطريقة التي يتواصل بها الناس في ما بينهم ومع العالم من حولهم (أكثر استعدادا للتعايش والتضامن)، تشجع اعتماد سياسات مستدامة للتنمية وسلوكا مسؤولا للمقاولات، وحيث يوجد تعاون أكثر ثراء بين الحكومات والمواطنين وغيرهم من الأطراف المعنية، في اتخاذ القرارات حول القضايا التي لها صلة بمصلحة الجميع. ينبثق إجماع حول ما يحسن عمله لتلبية الحاجيات الأساسية وتحقيق الأهداف الخاصة دون الإضرار بالآخرين ولا بالآفاق المستقبلية.” (PNUE, GEO-3, 2002, pp. 328-349)

إن تطبيق السيناريوهين الثاني والرابع المذكورين أعلاه قد يمكننا من إيقاف التدمير المتسارع للبيئة، وتحديد حلول قادرة مع الزمن على إيقاف النشاطات ومشاريع التنمية التي لا تسير في الاتجاه الذي يخدم مصلحة المجموعة البشرية كافة. ويتمثل تحدي القرن الحادي والعشرين في وضع حد للتمييز العنصري بين الشمال والجنوب؛ وبالتالي وضع حد للتكديس المفرط للثروة بين أيدي محدودة. وإذا لم يفعل أي شيء في هذا الاتجاه، يسكون من العسير التطلع إلى نظام اقتصادي عالمي عادل وأمن جماعي أكبر وإقامة السلم بين الشعوب ورؤية مجموع الطبقة السياسية قد شرعت في تكريس جهودها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

يشير التقرير، على سبيل المثال لا الحصر، إلى أن السيناريو الذي يعطي الأولوية للسوق سيؤدي إلى اختفاء 13 % من الأنواع الأصلية ما بين سنتي 2000 و2050، في حين لن ينقرض خلال هذه المدة إلا 8% من هذه الأنواع إذا ما أخذنا بسيناريو الاستدامة. أما تركيز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الجو سيصل وفق السيناريو الأول إلى 560 جزء في المليون، في حين لن يتجاوز 460 جزء في المليون وفق السيناريو الثاني. يتوقع أن يزيد تزامن حدوث تغييرات كبرى، وحدوثها بشكل مفاجئ وليس متدرج، من خطر تجاوز العتبة الحرجة في بعض الحالات. فبالنسبة لتقرير جييو-4 مثلا، قد تؤدي السيناريوهات التي تلتهم نسبة عالية من الموارد السمكية إلى انخفاض ملموس في التنوع البيولوجي البحري، مما قد يزيد من احتمال إتلاف أماكن صيد السمك في غضون سنة 2050. (UNEP, 2007, p. 398)

ويختم تقرير التقرير جييو-4 بالقول : ” إذا كان على الحكومات أن تكون في المقدمة، فإن دور الفاعلين الآخرين لا يقل أهمية للوصول إلى تحقيق التنمية المستدامة. إننا ندرك بشكل أعمق التحديات الراهنة، ولقد آن الأوان للتحرك بسرعة كي نحافظ على بقائنا وبقاء الأجيال المقبلة.” (PNUE, 2007, résumé)

ويجدر بنا أن نذكر في نهاية المطاف بالشروط الضرورية لضمان أمن الغلاف الجوي للأرض وما يحويه من أحياء، ومن ذلك :

ـ العمل دون كلل على نزع الأسلحة بشكل عام وكامل

ـ التربية على احترام البيئة وعلى حل النزاعات بشكل سلمي

ـ ترميم ما لحق بالبيئة من أضرار وحماية التنوع البيولوجي في وسطه الطبيعي ـ القضاء على الفقر ـ وفي النهاية، حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

ومما قاله المدير العام لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أ. ستاينير A. Steiner عند تقديم هذا التقرير : ” لقد تم توجيه ما يكفي من الإنذارات منذ تقرير بروندتلاند Brundtland. وآمل بكل صدق أن يكون التقرير جييو-4 هو الأخير. لقد بلغ الإصرار على التدمير المنهجي للموارد الطبيعية حدا يضع القطاعات الاقتصادية في مهب الريح، بما يجعل من المستحيل على أبنائنا تسديد الكلفة الباهضة التي سنورثهم إياها.”

المراجع :

ANNAN, K. 2000. ” Nous les peuples “. Le rôle des Nations Unies au XXIe siècle. New York, Département de l’information, Organisation des   Nations Unies. 91 pages.

  • BEAUD, Michel et Galliope et M. Larbi Bouguerra (ed.). 1993. L’état de l’environnement dans le monde. Paris, Édition La Découverte / FPH. 438 pages.
  • COMMISSION MONDIALE DE L’ENVIRONNEMENT ET DU DÉVELOPPEMENT. 1988. Notre avenir à tous. Montréal, Les Éditions du Fleuve. 454 pages.
  • COMMISSION MONDIALE DE L’ENVIRONNEMENT ET DU DÉVELOPPEMENT. 2005. Notre avenir à tous. Montréal, Les Éditions LAMBDA. 444 pages.
  • DUFOUR, J. 1985. Environnement, ressources et société. Un défi collectif. Synthèse des travaux effectués à l’intérieur du projet « Le Patrimoine de demain. » Centenaire des parcs nationaux, Montréal, août 1985. 53 pages.
  • DUFOUR, J. 1993. Amérique du Nord. Panorama général. In : L’état de l’environnement dans le monde. Paris, Éditions La Découverte, pp. 167-171.
  • DUFOUR, J. 1994. TOLBA, Mostapha K., éd. 1992. The World Environment, 1972-1992 : Two Decades of Challenge. Londres, Chapman & Hall, 884 pages. Compte rendu. Cahiers de géographie du Québec, Vol. 38, no 104, pp. 228-230.
  • DUFOUR, J. 1994. Déséquilibres et périls planétaires. In : Forêt verte, planète bleue. Montréal, Édtions Fides et Musée de la Civilisation, pp. 22-49.

DUFOUR, J. 2003. Towards Sustainable Development of Canada’s Forests. In : Mitchell, B., Ed. Resource and Environmental Management in Canada. Addressing Conflict and Uncertainty. Troisième édition. Toronto, Oxford University Press Canada.

  • FRANCOEUR, L.-G. 2007. L’espèce humaine est menacée. Vingt ans après le rapport Burndtland, 390 experts se prononcent. Journal Le Devoir, le 26 octobre 2007, p. A4.
  • GOLBERG, E.D. 1976. The health of the oceans. Paris, The Unesco Press. 1976. 172 pages.
  • POLUNIN, N. 1988. Twenty threats to the Biosphere and their Geographical Dimensions. Symposium on Geography and Global Science : The Role of Geography in International Science Programs, 22 August 1988. International Geographical Congress, Sydney, Australia. 7 pages.
  • PROGRAMME DES NATIONS POUR L’ENVIRONNEMENT (PNUE). 1997.. Global Environment Outlook. GEO 1. environment for development

Adresse Internet : http://www.unep.org/geo/geo1/ch/toc.htm  

PROGRAMME DES NATIONS POUR L’ENVIRONNEMENT (PNUE). 2000.. Global Environment Outlook. GEO 2000. environment for development.

Adresse Internet: http://www.grida.no/geo2000/english/index.htm  

PROGRAMME DES NATIONS POUR L’ENVIRONNEMENT (PNUE). 2002.. L’avenir de l’environnement mondial 3. GEO-3. Le passé, le présent et les perspectives d’avenir. Bruxelles, de boeck. 445 pages.

  • PROGRAMME DES NATIONS POUR L’ENVIRONNEMENT (PNUE). 2005.. Rapports de synthèse de l’évaluation des écosystèmes pour le Millénaire. Avril 2005.

Adresse Internet: http://www.millenniumassessment.org/fr/Synthesis.aspx

PROGRAMME DES NATIONS POUR L’ENVIRONNEMENT (PNUE). 2007.. Global Environment Outlook. GEO 4. environment for development.. Valetta, Malta, Progress Press LTD. 540 pages.

Adresse Internet: http://www.unep.org/geo/  

  • ROGRAMME DES NATIONS POUR L’ENVIRONNEMENT (PNUE). 2007.. Global Environment Outlook. GEO 4. environment for development.. Communiqué de presse mondial. Les problèmes les plus graves de la planète persistent, avertit un rapport de l’ONU. 25 octobre 2007. 8 pages.

Adresse Internet:

http://www.unep.org/Documents.Multilingual/Default.asp?DocumentID=519&ArticleID=5688&l=fr  

SCHOUNE, C. 2007. La planète est dans un état critique: http://www.lesoir.be/actualite/sciences_sante/environnement-geo4-le-nouveau-2007-10-26-557500.shtml#_start 26 octobre 2007.

TOLBA, M.K et O. A. El-Kholy (ed.). 1992. The World Environment 1972-1992. Two decades of challenge. United Nations Environment Programme. London, Chapman & Hall. 884 pages.

Adresse Internet : http://www.ciesin.columbia.edu/docs/001-009/fig7.html  

Sites Internet :

GEO- Le contrôle de l’environnement : http://www.unep.org/GEO/french/  

La désertification, un des plus grands défis à l’environnement, selon un rapport de l’ONU :

http://www.un.org/apps/newsFr/storyF.asp?NewsID=14375&Cr=d√©sertification&Cr1=UNU  

Le parc automobile mondial a atteint 800 millions d’unités :

http://www.china.org.cn/french/200544.htm  

Le réchauffement climatique fragilise les coraux :

http://www.enviro2b.com/environnement-actualite-developpement-durable/1898/article.html  

Rapport sur l’évaluation des écosystèmes pour le Millénaire. Avril 2005 : http://www.millenniumassessment.org/fr/About.aspx  

UNEP. 2007. GEO-4. Global Environment Outlook : http://www.unep.org/geo/geo4/media/  


Comment on Global Research Articles on our Facebook page

Become a Member of Global Research


Articles by: Prof. Jules Dufour

About the author:

Jules Dufour, Ph.D., C.Q., géographe et professeur émérite. Chercheur-associé au Centre de recherche sur la Mondialisation, Montréal, Québec, Canada.

Disclaimer: The contents of this article are of sole responsibility of the author(s). The Centre for Research on Globalization will not be responsible for any inaccurate or incorrect statement in this article. The Centre of Research on Globalization grants permission to cross-post Global Research articles on community internet sites as long the source and copyright are acknowledged together with a hyperlink to the original Global Research article. For publication of Global Research articles in print or other forms including commercial internet sites, contact: [email protected]

www.globalresearch.ca contains copyrighted material the use of which has not always been specifically authorized by the copyright owner. We are making such material available to our readers under the provisions of "fair use" in an effort to advance a better understanding of political, economic and social issues. The material on this site is distributed without profit to those who have expressed a prior interest in receiving it for research and educational purposes. If you wish to use copyrighted material for purposes other than "fair use" you must request permission from the copyright owner.

For media inquiries: [email protected]